يا ربّ (الجزء الرابع عشر)

19/07/2023

علِّمني يا ربّ الإحتمال كما علَّمت أبي أيّوب الصدّيق مع إزالة الفوارق بيني أنا المكبّل بالخطايا وأيّوب البارّ المنزّه من الخطايا


لقد سمحتَ يا ربّ بتجربة أيّوب بالرغم من كماله وإستقامته وكيف أجرؤ أنا المسكين الخاطىء لأسالك


وكيف لي أن أرفع رأسي إلى فوق السماء مناجياً ومعاتباً


وهل سوف تقوم يا سيّدي ببنائي الروحيّ إن إنسحقتُ إليكَ


لقد إشتهيتُ الموت كما إشتهى أيّوب البارّ لأنام مستريحاً من هذه الآلام الَّتي ما فارقتني لحظة بل سيطرت على حياتي بأكملها علماً بأنَّك يا سيِّدي وعدتني ووعدك حقّ أنَّك سوف لن تجرِّبني ما فوق طاقاتي من الإحتمال


وها أنا أمامك، لقد ضاقت بي الدنيا لعدم الإحتمال، أرسم الإبتسامة على وجهي أمام الناس وقلبي يحترق ناراً وعقلي يتوه في عالم البعاد والفراق


لقد جرّبت أيّوب يا ربّ وهو أعظم بني المشرق، كامل الإستقامة حائداً عن الشرّ والآن تعطيني التجربة لتكون درساً لي وللأجيال، أهِيَ غضباً أم أدباً لا أدري فأنت فاحص القلوب والأفكار


الربّ أعطى والربّ أخذ ليكن إسم الربّ مباركاً


كنت أقوم بقراءتها مراراً والآن هي تهزّ قمّة مشاعري ووجداني ولقد دخلتُ الكون عرياناً فلا قنية أملك فيه ولا غنى وسأمضي منه عارياً كما خلقتني


هل الخير نقبل منك يا إلهي القدّوس والشرّ لا نقبل


هذه هي تعزياتي أنّه كلاماً مسطّراً وأردِّده ولكن قلبي يتمزّق وكنتُ أتمنى أنَّك يا ربّ تستر هذه الشقاوة عن عيني لأنَّك تعرف طبيعتي وضعفي


لقد رجوتُ الهاوية بيتاً لي وفي الظلام مهَّدتَ فراشي وقلتَ للقبر أنت أبي وللدود أنتِ أمّي لتهبط آمالي وترتاح معي في التراب


سامحني يا ربّ لم أستطِع أن أمنع فمي أن أكلِّمك بضيق روحي وأشكو لك مرارة نفسي


إرجوك وأتوسَّل إليك أن تطلَّ من سمائك لترى حالتي فأنت الَّذي حسبتني إبنـاً لك ووعدتني بأن تقوم بحمايتي وتزيل عنِّي الآلام


إن قلتُ أنام لأنسى عذابي وفراشي سوف يعزِّيني فإنّ مضجعي ينزع كربتي تريعني الأحلام وترهبني الرؤى


إنّني أعلم يا سيِّدي أنّك تستطيع كلّ شيءٍ ولا يعسر عليكَ أمراً ولكن قد نطقتُ أنا الشقيّ بما لم أفهم بعجائب فوقي لم أعرفها


ها أنا التراب والرماد واقفٌ أمامك يا إلهي القدّوس من أجل إتِّضاعك أسألك فتعلِّمني


كما أنّني أعلم أنَّك يا إلهي القدّوس بطيء الغضب وكثير الرحمة والإحسان غافر الإثم والمعصية والخطايا فلا تبكِّتني بغضبك ولا تؤدِّبني بسخطك


يا ربّ لا تستذنبني لأخفي نفسي في المغاير وفي صخور الجبال حتّى لا أقف أمامك هارباً من وجهك يا قدُّوس بل أرجوك أغفر لي ذنبي


يا إلهي القدّوس هناك وجعاً متَّقداً في قلبي أريد أن أشكي لك همِّي أتسمعني؟ وإن كنتَ لا تريد أن تسمعني تكلَّم أنت يا سيِّدي فأسمعك لأتعلّم منك يا معلِّمي


لماذا تعصف بنا التجارب بما فوق طاقاتنا وهل تقبل يا سيِّدي أن نيأس نحن أولادك

علِّمني يا ربّ الإحتمال فأكون جلداً صبوراِ واقفاً أمام صليبكَ متأمِّلاً لأتَّخذك مثالاً


لتبرد ما بداخلي من نيران



لقد علَّمتني يا ربّ طوبى للرجل الَّذي يحتمل التجربة لأنّه إذا تزكى ينال إكليل الحياة الَّذي وعدتَ به للَّذين يحبُّونك




يا ربّ يا إلهي يا سيّدي يا معلّمي يا قائدي ومرشدي


علِّمني الإحتمال كما علَّمت أيّوب البارّ وإرفع عنّي هذا الضيق لتجد لي مخرجاً يا من تجرح وتعصب وتجبر المكسورين. آمــــــــــــين



خادمة الربّ ن. غ

® خدّام الربّ