"لا أَحَدَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ مَا لَمْ يُولَدْ مِنَ المَاءِ والرُّوح.."
قال الرّب يسوع في إنجيل يوحنّا: "الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكَ: ما مِن أَحَدٍ يُمكِنَه أَن يَدخُلَ مَلَكوتَ الله إِلاَّ إِذا وُلِدَ مِنَ الماءِ والرُّوح".
الولادة من الرُّوح القدس في هذه الحياة، هي أن تتشبّه نفسنا بالله من خلال الطّهارة وأن نتخلّص من كلّ ما يبعد الكمال عنّا.
هكذا فحسب يمكن أن يتحقّق التحوّل الطاهر للنفس في الله؛ إنها تشارك طبيعة الله باتّحادها معه من دون أن يكون هذا الاتّحاد اتّحادًا في جوهر الطبيعتين.
ولكي نفهم أكثر، فلنقم بمقارنة: أنظروا الى شعاع الشَّمس الذي يضيء زجاج النافذة.
فإن كان الزجاج ملطّخًا ببعض البقع أو كان هناك بعض الغيوم، فلا يمكن للشعاع أن يضيء المكان بالكامل أو أن يحوّله بنوره كما كان ليفعله لو كان الزجاج نقيًا وخاليًا من أي بقعة... والحال هذه فإن المشكلة تكمن في الزّجاج الملطَّخ وليس في الشّعاع.
فلو كان الزّجاج نظيفًا بالكامل، لاستطاع الشّعاع أن يضيء الزّجاج ويحوّله حتى يبدو هو الشعاع بنفسه ويمنح الضّياء ذاته.
يبقى فقط أنّ الزجاج الذي أصبح مشابهًا للشّعاع سيبقى محافظًا على طبيعته الفريدة.
ورغم ذلك يمكننا القول بإنّ الزجاج أصبح شعاعًا من خلال مشاركته.
هكذا هي النفس.
فهي مغمورة بالكامل من شعاع الله أو بالأحرى هذا الشعاع يسكن فيها بالطبيعة.
فكلما عملت النفس على التخلّص من شوائبها أي بمعنى آخر، كلّما كانت إرادتها متّحدةً بالتّمام بإرادة الله – لأن محبّتنا لله تعني العمل، إكرامًا لله، على التخلّص من كل ما هو ليس الله – وهكذا تصبح النّفس مستنيرة وقد تحوّلت في الله.
القدّيس يوحنّا الصليب (1542 - 1591)
نهار مبارك
/الخوري كامل كامل/