حَيَّر الأطبَّاء : "إنت مش لازم تكون موجود" - - هكذا تدخَّل مار شربل مع الشاب شربل

07/04/2024

لا تزال السماء تستمطر نعمها على الأرض ولا تزال يداها مفتوحتين لكل من طرق بابها، مشيئتها أولاً وأخيراً القداسة وهي تعرف الطريقة والتوقيت! إنَّها حكمة الله الَّتي أحياناً لا يفهمها الإنسان الَّا متى عاش الإتِّحاد والإنفتاح أو لمس شفاء… شفاء روحي قبل أيّ شفاء آخر
 

٨ أيَّار ٢٠١٨ كان يوماً مختلفاً بالنسبة للشاب "شربل كميل عون" ، إنَّه يوم حفر عميقاً في حياته… يوم لمسته فيه السماء بيد قدّيس لبنان… شربل


شربل عون مواليد ١٩٩٨ إبن العيشيِّة قضاء جزِّين يسكن في زوق مصبح وهو ينتقل إلى السنة الثانية في إحدى الجامعات في نهر إبراهيم


ويُخبر شربل كيف تدخَّلت السماء في حياته وكيف لمسه الله بشفاعة القدِّيس شربل فيقول


الحادث حصل في ٨ أيَّار الماضي، كان يوم ثلاثاء ، أثناء توجُّهي إلى الجامعة في نهر إبراهيم مستقلًّا الباص كالعادة وصولاً إلى سوق الخضار قبل أن أتابع سيراً على الأقدام، وبينما أنا أنزل منه إنطلق مسرعاً حتى اصبحت معلّقا بين الباص والخارج فإرتطم رأسي من الخلف بلافتة حديد مرفوعة في المكان، فسقطتُ أرضاً ولم أعد أعِ لدقائق ما يحصل حولي إلى أن نهضتُ عن الأرض هاتفاً "يا مار شربل يا عدرا" وأكملتُ سيري كما العادة وصولاً إلى الجامعة وكل ذلك وكأنِّي فاقد لحواسي ودون تركيز


ضايع… حتَّى إسمي نسيتو… مش عارف شي بس طالع وما بعرف كيف بقيت مذكَّر وين الجامعة


ويضيف : عند وصولي إلى مفرق الجامعة، إتصلتُ برفاقي بعد أن جرَّبتُ أرقاماً عدّة كما لاحظتُ فيما بعد…" يمكن داقق لشي ٥٠ رقم قبل وهالشي إنتبهتلّو أنا وعم فتِّش بالتلفون بعدين" وعندما وصل رفاقي كنتُ أصبحتُ في غياب شبه تام ولا أستطيع السيطرة لا على كلامي ولا على فكري وتصرُّفاتي وكأنِّي شخص "مروبص" واعي من النوم ولكن لا أتحكَّم بنفسي، لا أذكر من أصعدني في السيَّارة وكيف ولكن أثناء توجُّهي إلى مستشفى سيِّدة ماريتيم في جبيل كنتُ أردِّد : "أريد الذهاب إلى مار شربل، أريد الذهاب إلى مار شربل…" كما أبلغني رفاقي لاحقاً


ويتابع شربل : أخذوني إلى المستشفى حيثُ أجريت لي صورة "سكانر" ثُمَّ تمَّ حقني بإبرة بسبب إرتطامي بالحديد ووعدوني بالإتِّصال بي وإبلاغي بالنتيجة فور توفّرها وبعدها توجَّهنا إلى عنَّايا وأنا بين الوعي واللاوعي بعد أن مضى على الحادثة حوالي الساعتين فصلَّينا هناك ثُمَّ أوصلوني إلى المنزل





«ما بني شي… شو صاير…؟»



شربل يشرح ماذا حصل عند إستيقاظه في الصباح : كأنَّ الحادثة لم تكن : ما بني شي، لا راسي عم يوجعني ولم أتناول حتَّى حبّة دواء واحدة إلى أن إتَّصلوا بي من المستشفى فطلب منِّي الطبيب أن أحضر على وجه السرعة فالطريقة التي كلَّمني بها تشير إلى أمر خطير فسألته مرَّات عدَّة "شو في؟" وفي كلّ مرّة كان يحاول طمأنتي "ما بدّي خوفك…في شي مش واضح بالصورة ولازم نعيدا" وعندما أبلغته بأنَّني لا أستطيع الحضور فوراً لبُعد المسافة قال لي أن أقصد أقرب مستشفى في حال شعرتُ بأيّ تدهور، وإذا مرَّ الليل على خير عليك بأيّ حال زيارة المستشفى في صباح اليوم التالي عند التاسعة


إتَّصلتُ بوالدي الَّذي ذهب إلى المستشفى في مساء اليوم عينه وأحضر التقرير الَْذي توجَّهنا به إلى طبيب أخصَّائي بالرأس في سن الفيل وعندما نظر إلى التقرير كانت المفاجأة الكبيرة : "شو صاير…؟" وهو ينظر إلى التقرير وإليَّ للتأكُّد ما إذا التقرير يوافق للشخص الموجود أمامه طلب إعادة الصورة بعد أن أخضعني للفحوص والإختبارات مجدَّداً وكنتُ كامل التجاوب معه وكل شيء طبيعي ثمَّ عدنا إلى المكتب وكلماته تتردَّد في ذهني حتَّى اليوم : "هل تعلم ما المكتوب؟ فالتقرير الموجود أمامي يعني أنَّك إمَّا تعيش على الآلات الطبيَّة إمَّا أنَّك شخص غير موجود أي ميت" ما يعني أنَّه


مش لازم كون موجود وإذا موجود أنا في موت سريري


ويُتابع شربل سرد تفاصيل الأيَّام الصعبة : "طلب منِّي الطبيب إعادة "السكانر" بسرعة ومرَّة جديدة ذهبتُ إلى المختبر في الزوق وخضعتُ للصورة الَّتي صدرت نتيجتها في يوم لا يومين كوني حالة طارئة وكان ذلك يوم الجمعة وصدرت النتيجة السبت ولكن الطبيب كان قد سافر





«بلى لتكن مشيئتك»



ويتوقَّف شربل بتأثُّر عند ما حصل مساء الخميس في البيت أي عشيَّة خضوعه للصورة من جديد : وقفت أمام صورة القدّيس شربل كما كنتُ أفعل في كلّ ليلة مردِّداً" يا ربّ إني أثق بك… لتكن مشيئتك" وأحياناً كان يمتدّ الحديث ساعة وأكثر بيني وبين رفيقي السماويّ ولكن في ذلك المساء ثمَّة ما كان يمنعني من ترداد "لتكن مشيئتك" أو كان يخيفني من مشيئة ربنا وكأنَّ هناك من يقول لي :" لا تقولها" ولكن قلتها بكل ثقة وغفوت


وفي الصباح توجَّهتُ لإجراء الصورة مجدَّدا "عنيِّة الله" والنتيجة صدرت في اليوم التالي فأخذتها إلى طبيب في العيشية مسقط رأسي بسبب سفر طبيب سن الفيل وعندما أريته التقرير الأوَّل نظر إليه نظرة مريبة


«شو صاير؟ هل تعلم ما المكتوب؟»


ثمَّة نزيف داخلي، تقطيع في حوالى ١٦ شريان في الرأس، تجمّع كتل من الدم تحت الرقبة، كسر في الجمجمة من أوَّل الرأس إلى آخره، حالة يرثى لها تشخِّص مريضاً تعرَّض لحادث خطير كبير وكأنَّه ما عاد موجوداً أي ميت


يقول شربل : ثمَّ أريته التقرير الثاني للصورة الجديدة وكانت المفاجأة مُجدَّداً "كأنَّهما تقريران لمريضين أو لمريض ولكن بمهلة زمنيَّة بعيدة فأكَّدتُ له أنَّ الفترة الزمنيَّة بين الصورتين يومان وللشخص عينه… فقال : في شي مش مزبوط وطبيًّا ما إلها تفسير، كأطبَّاء نقبل بالنتيجة الثانية لأنَّ الأولى تُخالف وضعك الحالي





١٣ أيَّار  ٢٠١٨

شربل الَّذي كان واثقاً من التدخُّل السماويّ، توجَّه إلى عنَّايا مرَّة جديدة وكان ذلك بتاريخ ١٣ أيَّار ٢٠١٨ إذا كان ثمَّة أعجوبة فَلتُسجَّل وإذا لا فلن تُسجَّل


وبالفعل، تحدَّثتُ إلى مسجِّل عجائب مار شربل الأب لويس مطر الَّذي طلب منَّا تسجيل الأعجوبة في محاضر عنَّايا مشيراً إلى أنَّ التدخُّل الإلهيّ حصل لحظة قدومي مع رفاقي بعد الحادث مباشرة إلى عنَّايا وأنا بغياب ذهنيّ شبه تام


شربل يوجِّه في الختام كلمة من القلب إلى المرضى


في كلّ بيت هناك من يتألَّم، العلاجات الطبيَّة مهمَّة ولكن الصلاة أهمّ فالقداسة نعمة وصلاة، النعمة من الله كما يقول القدِّيس شربل والصلاة منَّا، فلا نفقدنَّ الرجاء ولا نستسلم فالله يعلم التوقيت ولديه حكمته


وهكذا لا يزال الله يفيض نعمه على شعبه الحبيب… وإن لم تكن كلّها مرئيَّة فثمَّة شفاءات روحيَّة ونفسيَّة بعيدة عن العين لكنَّها حتماً قريبة من قلب موجوع ومتوتِّر… ولا يزال الله عجيباً في قدِّيسيه ويكفي أن نقلِّب سجلّات عنَْايا لنطّلع على أسماء كثيرة ليس آخرها شربل عون